تعريف البراكين الدرعية
البراكين الدرعية هي نوع من البراكين التي تتميز بتدفق الحمم البركانية بصورة هادئة وتدريجية، مما يجعلها تختلف عن الأنواع الأخرى التي قد تنتج عن انفجارات بركانية عنيفة. تعد البراكين الدرعية من أبرز أنواع البراكين التي يمكن رؤيتها في مناطق واسعة، وتتميز بتدفق الحمم البركانية ذات اللزوجة المنخفضة التي تجعل تدفقها سريعاً وواسعاً. تكون هذه البراكين عادةً أقل خطورة مقارنةً بالبراكين الانفجارية، إلا أن تأثيراتها البيئية قد تكون كبيرة على المدى الطويل.
تتواجد البراكين الدرعية بشكل رئيسي في الأماكن التي تشهد نشاطًا تكتونيًا كبيرًا، خاصة في المناطق التي تتداخل فيها الصفائح التكتونية أو التي توجد فيها حواف الصفائح المحيطية. كما تتسم بوجود فوهات كبيرة مفتوحة تميل إلى أن تكون ذات شكل مسطح، يطلق عليها أحيانًا اسم “الدرع البركاني” نظراً لشكلها الذي يشبه الدرع الذي يحمي الأرض.
نشوء البراكين الدرعية
نشوء البراكين الدرعية يحدث في الغالب نتيجة لنشاطات بركانية بطيئة ولكن مستمرة، حيث تتكون الحمم البركانية من مواد ذائبة، مثل الصخور والمعادن التي تخرج من تحت سطح الأرض، وتتميز هذه الحمم بأنها منخفضة اللزوجة مقارنةً بتلك التي تخرج من البراكين الانفجارية. هذا يعني أن الحمم تتدفق بسهولة على سطح الأرض، مما يؤدي إلى توسع البركان بشكل تدريجي ومسطح، مما يخلق شكلًا قمعيًا أو درعيًا يُسمى “الدرع البركاني”.
عادة ما تنشأ هذه البراكين في المناطق التي تحتوي على صخور مائعة أو تحتوي على خُزانات صهارية كبيرة. عندما تنفجر هذه الصهارات من فوهات البركان، تتدفق الحمم بحرية شديدة، فتغطي مساحة شاسعة مما يؤدي إلى تكوين طبقات متعددة من الصخور البركانية التي تشكل شكل الدرع. على مر الزمن، تتراكم هذه الطبقات فوق بعضها البعض، مما يؤدي إلى تضخم البركان تدريجيًا.
خصائص البراكين الدرعية
-
الحمم البركانية: تعد الحمم البركانية المنبعثة من البراكين الدرعية ذات لزوجة منخفضة، مما يسمح لها بالتدفق على مسافات طويلة قبل أن تبرد وتتماسك. هذه الحمم قد تصل إلى عدة كيلومترات عن الفوهة البركانية.
-
الفوهات: تتميز البراكين الدرعية بوجود فوهات واسعة ومسطحة إلى حد كبير، وهي تختلف عن الفوهات في البراكين الانفجارية التي تكون عادةً أكثر ضيقًا وعمقًا.
-
الشكل الخارجي: تعتبر البراكين الدرعية أكبر في المساحة مقارنةً بالبراكين الانفجارية، حيث يتم تغطية الأرض بحمم بركانية على مساحات شاسعة، وتتشكل بذلك أشكال مخروطية واسعة ومنخفضة. غالبًا ما يتم تشبيه هذه البراكين بالأقداح أو الأطباق الكبيرة.
-
التدفقات البركانية: لأن الحمم البركانية في هذه البراكين لا تكون لزجة جدًا، فهي قادرة على التدفق بسرعة عبر المنحدرات وتشكيل طبقات متعددة من الصخور البركانية على مر الوقت.
-
التأثير البيئي: رغم أن البراكين الدرعية لا تنتج انفجارات بركانية عنيفة، فإنها قد تحدث تغييرًا كبيرًا في البيئة المحيطة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤدي الحمم المنصهرة إلى تدمير الغطاء النباتي وتغيير المجاري المائية، مما يؤثر بشكل كبير على الحياة البرية.
أماكن انتشار البراكين الدرعية
توجد العديد من البراكين الدرعية على سطح الأرض، وخاصة في المناطق التي تشهد النشاط البركاني المستمر نتيجة الحركة التكتونية أو الانفتاح بين الصفائح التكتونية. على سبيل المثال، تعتبر جزر هاواي في المحيط الهادئ واحدة من أشهر المناطق التي تحتوي على البراكين الدرعية، حيث يُعد بركان “كيلاويا” مثالاً بارزًا على هذا النوع من البراكين. هذا البركان يتميز بتدفق الحمم البركانية التي تنتشر بشكل تدريجي على مساحات واسعة من الأرض.
أما في القارة الأفريقية، فتعتبر منطقة “الصدع الأفريقي العظيم” في شرق إفريقيا إحدى أكبر المناطق التي تحتوي على براكين درعية نشطة، حيث توجد العديد من البراكين مثل “بركان أول دويغ” الذي ينفث الحمم البركانية بشكل مستمر.
أمثلة على البراكين الدرعية
-
بركان كيلاويا (Kīlauea): يقع في هاواي وهو واحد من أكثر البراكين نشاطًا في العالم. يتميز بتدفق الحمم البركانية بشكل مستمر مما يساهم في تشكيل المزيد من الأرض. يعتبر بركان كيلاويا نموذجًا رائعًا للبراكين الدرعية التي تنتج حممًا سائلة وغير لزجة.
-
بركان Mauna Loa: أيضًا في هاواي، يعد من أكبر البراكين الدرعية في العالم من حيث الحجم. يمتد بركان Mauna Loa على مساحة شاسعة ويعني “الجبل الطويل” باللغة هاواي، ويظهر تأثيره في تكوين الأراضي الجديدة نتيجة التدفقات البركانية.
-
بركان إتنا في إيطاليا: على الرغم من أن بركان إتنا يُعد من البراكين المركبة، إلا أنه يحتوي أيضًا على خصائص البراكين الدرعية نظرًا لتدفق الحمم البركانية السائل الذي ينتشر على مسافات كبيرة.
التأثيرات الاجتماعية والبيئية للبراكين الدرعية
البراكين الدرعية، رغم كونها أقل عنفًا من البراكين الانفجارية، يمكن أن تؤثر على المناطق المحيطة بها بشكل كبير. إن تدفق الحمم البركانية على مسافات واسعة قد يؤدي إلى تدمير الغطاء النباتي والأراضي الزراعية، مما يؤثر سلبًا على الحياة البرية والمجتمعات المحلية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي الحمم البركانية إلى تغيير مجاري الأنهار وتهديد الهياكل البشرية مثل القرى والمدن القريبة من فوهات البركان.
من ناحية أخرى، قد تقدم البراكين الدرعية فرصًا للمجتمعات من خلال توفير موارد جديدة من الأراضي الخصبة. فبفضل التدفقات البركانية التي تبرد على شكل صخور خصبة، قد تصبح الأرض قادرة على دعم الزراعة في المستقبل بعد أن تهدأ النشاطات البركانية.
دراسة البراكين الدرعية
دراسة البراكين الدرعية تمثل مجالًا حيويًا لعلماء الجيولوجيا وعلماء البراكين. فمن خلال مراقبة سلوك هذه البراكين، يمكن للعلماء توقع الحركات البركانية المستقبلية وفهم طبيعة تدفق الحمم وأثرها على البيئة. يشمل البحث في البراكين الدرعية أيضًا دراسة مكونات الحمم البركانية وتركيبها الكيميائي، مما يساعد في التنبؤ بالتغيرات التي قد تحدث في فوهات البراكين.
الخاتمة
البراكين الدرعية هي ظواهر جيولوجية مثيرة لها تأثيرات طويلة الأمد على البيئة. على الرغم من أن البراكين الدرعية قد لا تكون بنفس درجة الانفجار العنيف للبراكين الأخرى، إلا أنها تقدم دروسًا هامة لفهم الديناميكيات البركانية وسلوك الأرض. من خلال دراسة هذه البراكين، يمكننا فهم التفاعلات المعقدة بين العمليات التكتونية ونتائجها على البيئة، مما يمكننا من التكيف بشكل أفضل مع هذه الظواهر الطبيعية في المستقبل.
